Loading

السيرة الذاتية

النشأة والتأثر

* ولد الشاعر عبد الرحيم منصور فى (دندرة)  بندر قنا وتعتبر نشأته اكبر مؤثر فى كتابته وعندما كانت ام الشاعر  تلقى انشادات امام الفرن لتضيع الوقت ولم تكن تدرى انها تعطى ابنها جواز السفر ليرتحل عنها فور ان يشب عن الطوق ثم يرتحل عنها إلى الابد وبالفعل ما كاد شاعرنا عبد الرحيم يشب عن الطوق حتى كانت بذور الشعر التى زرعتها فيه أمه قد بدأت تظهر وتحاول الخروج وهكذا حرضته موسيقى الشعر للرحيل عن قريته بحثا عن حلمه ..

وبداية اكتشافه كانت على يد الكاتب الكبير لويس جريس اثناء جولته فى الجنوب المصرى لأكتشاف المواهب لتقديمها فى مجلة صباح الخير تحت عنوان (المعذوبن بالفن) وعثر اثناء جولته على كنز من المواهب أعلن عنه وقدمته المجلة ، هذا الكنز كان الشاعر عبد الرحيم منصور الذى يكتب بالعامية .. وبدأ شاعرنا ومعه مجدى نجيب والأبنودى وسيد حجاب فى بث اشعارهم العامية عبر الاذاعة وكان الناس يعشقون هذا النوع من الشعر الذى اصبح على كل لسان وخصوصآ البسطاء لأنه كان يستخدم لغة حياتهم اليومية التى تشكل تعاملاتهم ومشاعرهم ، وايضآ لأن اللغة كانت متواصة مع موروثنا الشعبى الملئ بالمواويل والملاحم الشعبية التى رسمت الحياة الإجتماعية  فى مصر على مر العصور..

الإكتشاف والشكل الغنائى الجديد
عبد الرحيم منصور مع صديق عمره بليغ حمدى

وهكذا استقبلت القاهرة اشعار عبد الرحيم منصور وفتحت له صدرها لأنه كان اقرب تعمقآ فى جذور الأرض التى شكلت الوجدان الشعبى واقترابه من سخونة الجنوب فى مشاعر أهله المليئة بالمواويل الحزينة وكتب ديوانه الأول ( الرقص ع الحصى ) فى أواخر الستينات وكان نشره على حسابه الخاص ولأنه لم يهتم كثيراً بالدواوين فلم تنشر باقى الدواوين.. وقدم مع بليغ حمدى وقتها الكثير من الاغانى لكبار المطربين والمطربات وبرز أسمه خصوصاً اثناء حرب اكتوبر فكانت اول واشهر اغانى النصرمن كلماته وتغنى بها اشهر المطربين والمطربات .. إلى ان بدأت محطة هامة فى حياته حين تعرف على المطرب محمد منير وبدأ معه مشوار دام حوالى 10 سنوات وكان التحدى الذى واجه عبد الرحيم هو كتابة اغانى رومانسية وقت رحيل الفنان عبد الحليم حافظ فخرجت الرومانسية على طريقة عبد الرحيم  بشكل جديد وبمفردات جديدة تماماً على الاغنية الرومانسية السائدة وقتها فى اغانى مثل فى عنيكى ويا صبية  وبدأت الاغنية تتخذ شكل جديد كما شملت اغانيه موضوعات لم يتطرق لها احد من قبل وبدأ كتابة أول البومات منير (علمونى عنيكى ) ووقتها تعرف على الملحن النوبى احمد منيب والملحن والموزع هانى شنودة وتوالت النجاحات حتى وصلت للذروة فى ألبوم (شبابيك) عام 1981 كما كتب فى أوائل الثمانينات لمطربين جدد ساعد على نجاحهم بجانب المطربين الكبار وقتها.. 

النجاحات والنهاية
تعتبر اول الثمانينات هي الفترة الاهم والاشهر فى حياة عبد الرحيم منصور حيث كتب لمحمد منير اغانى فى ألبومى (شبابيك) و(اتكلمى) كما وضع سيناريو وحوار واشعار فيلم (الزمار) للمخرج عاطف الطيب وكتب أول اغانى المطربين عمرو دياب وعلى الحجار ومدحت صالح ومحمد ثروت ووليد توفيق ورحل عبد الرحيم منصور يوم 28/8/1984
الشاعر الكبير فؤاد حداد يرثيه فى قصيدة "ألاقى فين عبد الرحيم منصور"
أفضل أقف وادور
الثانيه بتعدى فى حبل غريب
الشوك من الميه
قرش صاغ للرغيف
أحلامى لعينى
الجرس للإشاره
التلات ألوان
للمحطه الجايه
اسمك شجر فى الريح
لكلبش فى إيدى
القمر للزينه
الفجر للمصابيح
قاعدين يبصوا لبعض
كأنهم أعداء

ما كانش قلبى شهد
الليل مع الشهداء
جبينى الاخضر سجد
فى جبانات السجون
القافيه ولدت منى
فين البنات
والبنون
الكلام بيسيح
يا شيخه يا ام الآه يا أم البنات
ما تؤمرينى أكون
مغنى كل البلد
معاى عبد الرحيم

معاى لما أعزى ، لسه ما قال ليش
الموت محايد
لما أبطل جرايد
لما أكلم نفسى
لما أصيف واشتى
قبل الهدوم
معاه لما أزوره
أقرب إلى الأرض منى
تحت الندى عصفوره
شهقت زى العيل
لما يقع ويقوم
يافطه فى عمر مكرم بتتقلقل
زى الشرف ما بيقتل
والحق بيبهدل
زى الصعيد لما اتوجد
معاى لما اعتقد
إن الزمن يعدل
أو ابن آدم

معاى لما تركته
لما لقيته
دلوقتى بس حننتبه لحركته
لهدوءه
يا مغربية عصر فى تيابه
كبارى زرع بتتنبه لغيابه
مرايه
ملحمه من النيل
البنايين شبهه
وربطة المنديل _
وعقدة المنديل _

أنا عجوز جلده على إنسانى
أحافظ عليه بظوافرى واسنانى
أنا عجوز جلده على أحبابى
أحافظ عليهم بظوافرى ونيابى

نسوان ورجاله تشغى فى دمى يا ولدى
يا حته من كبدى
إيه اللى بيدوخك
الشوك من الميه
التذكره فى الرغيف
وكل شئ انضحك
عليه بيضحك على
أحلامى باعت عينى
آهين يا عبد الرحيم
ما قلت لكش آهين
أحلامى باعت عينى
ولا عين بدال العين
فكرنى إمتى وفين
كان البساط الأحمدى بيطير
أيام ويرجع
زى الحمام
على السطوح الأحمدى فى الإمام
إيه اللى اشجع
الضى ولا الظلام
من قبل ما نجاوب وماتجاوبى
يا شيخه يا ام الآه
ورد البلد صاحبى
غنوه فى درج الحياه
ظلها فى الأرض
زى الحلق فى الودان
سلطان على قلبى
وباب موارب
بيروح وبيجى
بيقول وبيخبى

ورد البلد صاحبى
على ريحته ميه وشوك
أعيش واموت واحبى
ما يبص ليش من فوق
ويلف زى الطوق
ويتنقل جنبى
ويخش للتنين
بالسيف وبالتهنين
ويقول يا مصريين
إمشوا على دربى
ويا كلمتين تانيين
يا الاستغمايه
يا مفضفضه معاى
يا سطر من واجبى
يا بنت عم النور
تعالى لما تزور
عبد الرحيم منصور
الشاعر الشعبى
هو اللى مد وقال
فى ميتم الموال
هون عليك يا خال
ورد البلد صاحبى
أفضل أموت واحبى

* *

يا ليل ينوبك ثواب وصلنى للعتبه
مشيت كأنى غريق الأرض للرقبه
أتلقف الترمايات
واسقط التكنولوجيا فى امتحان النايات
لو تقبلونى صبى يا عرضحالجيه
اكتب لكم مغربى حجاب وتزكيه
وارقى الغلابه عشان ما يبطلوش غلبه

* *

حفظنى دور الأوله بتحلم
والتانيه تترحم
والتالته جايه تقولى مين الأم
الضى ولا الظلام
على الربابه والكلام توأم
أبو زيد والادهم يا نعيمه حسن
للتاجر الشاطر يبيع العسل
ويشترى العلقم

عبد الرحيم ما راحش من بالى
الليل عتر فى الشمس قايمه لى
على حيلها لا بتقعد ولا بتمشى
والدمع ما بيسقطش من وشى
ولا خد ميزان الخير على غشى
ولا خداعى
ولا عاتبنى وقال مافيش داعى
والليل عتر فى الشمس بالصدفه
القاهره فى ديل المعزيين
يوم ما الحبايب يشبهوا المعازيم
وعساكر البلديه والتنظيم
بيشيلوا بالقفه
عيونى وعيونك يا عبد الرحيم
حفظنى دور الأوله بتحلم
"فؤاد حداد"

الشاعر مجدى نجيب يروى مواقف من حياة "عبد الرحيم منصور"

[الحلقة الأولى]

كان الكاتب لويس جريس أثناء جولته فى الجنوب المصرى لإكتشاف المواهب لتقديمها فى مجلة صباح الخير التى كان يترأس تحريرها تحت عنوان المعذبون بالفن عثر أثناء جولته على كنز من المواهب أعلن عنه وقدمته المجلة ، هذا الكنز كان الشاعر عبد الرحيم منصور الذى يكتب بالعامية .. والشاعر أمل دنقل الذى يكتب بالفصحى .. والقاص يحى طاهر عبد الله .. وكذلك الشاعر عبد الرحمن الأبنودى الذى كان اكتشافه مبكرا عن الثلاثة.
وبالفعل تفجر الكنز ، حيث نزح الجميع إلى القاهرة وظهرت مواهبهم ، وأخذ كل منهم طريقه فى مشوار إبداعه.

!الرقص ع الحصا

استطاع شعر العامية فى الستينات أن يقفز قفزات متتالية من النجاح والانتشار ، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الشاعر فاروق شوشة المسئول عن البرامج الثقافية بالاذاعة ، وكنت أنا وعبد الرحيم منصور والأبنودى وسيد حجاب أكثر الشعراء الذين ظهر انتاجهم من نافذة الاذاعة ، وكان الناس يعشقون هذا الشعر الذى أصبح على كل لسان .. وخصوصاً البسطاء لأنه كان يستخدم لغة حياتهم اليومية التى تشكل تعاملاتهم ومشاعرهم ، وأيضا لأن اللغة كانت متواصلة مع موروثنا الشعبى الملئ بالمواويل والملاحم الشعبية التى رسمت الحياة الاجتماعية فى مصر على مر العصور.
وهكذا استقبلت القاهرة أشعار عبد الرحيم منصور وفتحت له صدرها لأنه كان أقربنا تعمقاً فى جذور الأرض التى شكلت الوجدان الشعبى واقترابه من سخونة الجنوب فى مشاعر أهله المليئة بالمواويل :الحزينة ، وأنا اقوم بتصميم غلافه فسألته
 لماذا تهدى الديوان إلى أمك بنت الشيخ اسماعيل الخلاوي ؟
:قال فى براءته المعهودة: لولاها لما أصبحت شاعرا .. ولا أصبح عندى هذا الكنز المخزون من الشجن والصور.
ضحكت قائلاً: هل كانت أمك تقول الشعر ؟
انفعل بتلقائية محببة : أنت ح تهزر ولا ايه . أمى هى الجذور الشعرية التى أمسكت بها ، فعندما كنت صغيرا كنت أجلس بجوارها أمام الفرن وهى تجهز رغيف الخبر على نيران خشب السنط .. وكانت تغنى أمام النار ، فأشعر بغنائها مثل النقوش والرسومات الملونة المحفورة على جدران معابد الفراعنة.
يا صديقى هذه صورة شعرية جميلة.
لم يلتفت إلى وأكمل: كنت أشعر أن غناءها الغريب هذا هو الذى ينضج الخبز وليست نيران أخشاب السنط غرق للحظات فى وجعه القديم ، وأخذ يسبح فى تياره معاندا .. وتلون وجهه بحزن غامض ، فأنشد من تراث :غناء السواقي
رمانك حادق .. وعنبك ما ينداق
روح بلادك يا غريب الداري
روح بلادك .. واعزم الخطاوي
مجروح قلبى ومنين أجيب لى مداوى
وصيت عليا مين يابن والدي
وصيت عليك الخال الوالدي
بكى عبد الرحيم .. بينما كانت نظراته ترسم علامات استفهام لا نهاية لها
مالك يا عبد الرحيم ؟!
!هذا حالى .. وحالة كل يتيم تبكي
كان احساسه باليتم يسيطر عليه ولذلك رغم صغر سنه عندما جاء إلى القاهرة ، أطلق على نفسه لقب الأب وكانت تجتاحه أحاسيس الأبوة لتعويض أصدقائه اليتامى عن الحب المفقود .. ولكن معى كان الحال مختلفاً ، فكنت أنا أباه وأخاه الأكبر لأننى دائما كنت .أخشى على ضياعه فى القاهرة التى لا ترحم النازحين وأعلنت حمايتي له .. وخصوصا بعد أن تزوج من الست نعيمة محركة العرائس ، والتى قد تزوجها قبله بلدياته الشاعر عبد الرحمن الأبنودى الذى أعلن عليه حربا خفية بعد ذلك.

!!نعيمة

كانت الست نعيمة تغطى الجميع بحنانها .. وكنت أنا وعبد الرحيم ويحى الطاهر عبد الله والشاعر أمل دنقل والكاتب المسرحى على سالم الذى كان يعمل وقتها فى مسرح العرائس نزورها كثيرا لنستريح بعد ان ينهكنا تعب المشاوير فيحتضنا سكنها المكون من صالة صغيرة وحجرة نوم ، يتوسطها سرير كبير ، نجلس ونشرب الشاى ونتناقش فى الفن والشعر .. ونختلف ونغضب ونفرح ، بينما كان بعضنا يحلم بوجبة ساخنة  كانت لا تبخل بها نعيمة وتقدمها بحنان الأم من مرتبها ..الضئيل وكان أغلب زوارها من الشعراء يحلمون بالزواج منها بعد طلاقها من الأبنودى ، وقد استطاع عبد الرحيم تحقيق هذا الحلم لنفسه ، وكنا جميعا سعداء بزواجه منها .. وكنت أعاتب نفسى عندما كنت أتخيل نعيمة كالفخ الذى يقع فيه الشعراء منجذبين لرائحة الدفء الذى يفتقدونه ، وأعترفت بهذا لعبد الرحيم الذى تحسس بطنه واستنشق دفء المكان قائلاً:
لا تخف .. فأنت ابن القاهرة .. أما نحن ، فطيور مهاجرة قادمة من الجنوب .. نبحث عن المأوى الذى ينقذنا من برودة الشوارع والسكن فى اللوكاندات الفقيرة المليئة بالرطوبة والحشرات .. ونحن نفعل ذلك دون أن نفكر!
[الحلقة الثانية]

كان الشاعر عبد الرحيم منصور أحد الذين أضافوا إلى العامية الكثير من المفردات الخاصة ، سواء فى القصيدة أو غنائياته كان المجنون بالكلمات ..، وقد تقمص شاعرنا القديم قيس وبالطبع هو دائم الغناء لنفسه .. ووسط الأصدقاء يعرف جيدا كيف يخطف نفسه من وسط الناس والزحام ويناجيها مثل الصوفى فى خلوته ، وكان فى  نفس الوقت مثل العصفور الصغير الصامت الذي تعلم لغة التمرد!
يكره النهار والنوم .. ولا يحب المنازل ، ويفضل الشوارع والسير على الأقدام مسافات طويلة ، يكتب أشعاره وأغانيه على المقاهى ، ومن خلاله تعرفت على أماكن فى القاهرة لم أكن أعرفها أو سمعت بها.
وكان هو أول المكتشفين للمطرب محمد منير ، وكان يعتبره مثل ولده ، يجوب به جميع أماكن الصعلكه وفى جلسات المثقفين والصحافيين ، وقد تنبأنا جميعا بأنه الجديد القادم من جنوب مصر لتجديد دماء الأغنية وخروجها من مأزق التكرار لكى تكون أكثر ارتباطا وتعبيرا عن الناس وحياتهم.
سألنى الشاعر عبد الرحيم منصور وهو فى حالة لخبطة كانت دائماً تصيبه بسبب زحام القاهرة وصخبها فى الليل والنهار.
انتوا إيه يا أهل القاهرة ؟
سرحت بعقلى فى دهاليز الزمن متسائلا مع نفسى:
نحن الذين كتب علينا منذ أزمان بعيدة أن نضع رؤوسنا فوق كفوفنا ، فسقط منا الشهداء فى المظاهرات ضد المستعمر الذى ظل جاثماً على صدورنا سنوات
نحن الذين نضحك ونكركر ونبدع فنوننا الجميلة لكى نضمد بها جرحنا ونسكت بها أحزاننا لكى لا ترقد ...أحلامنا فى خنادق الاحباط انه يا صديقى عبد الرحيم ، تاريخ طويل من الفن والابداع والنضال أيقظنى صوته وهو يضمغ شفته السفلى مع حبات الفول السودانى وهوه يقشره: هيه .. سرحت فى إيه ؟
كان عبد الرحيم يمثل روحى الثانية ، فهو أقرب الأصدقاء وأحبهم إلى نفسى . وبالتالى لم تكن بيننا عداوة أهل المهنة ، أستشعر قلقه . فأخرجه من دوامته ويحس بشكواي ، فأراه مثل مارد الحواديت عندما يطلب منى أن أتمنى أى أمنية فيحققها لي ، وقد حقق لى ..شكلاً بديعاً للأنسان الجميل فى زمن من الفن الجميل ولكن هذا الزمن لم يخلو من بيع الأصدقاء سراً .. وأغتيال الحلم سراً فى محاولات لذبح الفكر عندما يحاول التحليق مثل العصفور صغير خارج الحدود المرسومة له.

محمد منير .. حلمنا الجديد!

أتذكر جاءنى ذات يوم وفى يده شاب أسمر التقاطيع .. بشوش الوجه .. يحسن الإنصات .. عود نحيل . ولكنه ملئ .بخير وشجن الجنوب مثل سنبلة القمح كان هذا الشاب هو المطرب محمد منير ، وكان على وشك التخرج _ مصوراً فوتغرافيا _ من كلية الفنون التطبيقية ، وكنت وقتها أعمل مع ناقدنا الكبير رجاء النقاش فى عدد خاص عن العروبة فى مجلة المصور وكانت به إحدى قصائدى عن القدس التى عندما قرأها :عبد الرحيم هتف لن يغنيها غير ولدى هذا .. إنه سيعجبك جدا .. إنه لا يغنى مثل أصدقاءك أهل الطرب الرومانسى الناعم بل أفضل منهم.

تأملت ولد عبد الرحيم منصور كان فى براءة حبة السمسم .. وفرحت بابتسامته المتوجسة ، الخجولة التى ترجمت فورا مشاعره ، فهو يحتاج إلى من يقف بجانبه فى مشواره .. وكان قد انضم إليه .. أو تبناه معنا الملحن أحمد منيب الذى يعتبر رائدا فى الأغنية الجديدة ، حيث كانت بصماته ورؤياه تعبر عن عبور الأغنية من خندق اللوعة والتقليدية .. إلى أحضان الناس ، وعلى الأخص شباب الجامعة والمثقفين ورجال الصحافة .. واختار الألحان النوبية لكى تكون أساس الجديد بعد كتابة كلمات باللهجة العامية العربية لتكون مفهومة للجميع.
أما الموضوعات ، فقد كانت مختلفة عن موضوعات أغنياتنا التى كانت متربعة ومستقرة حتى عام 1974 ، إلى أن غنى محمد منير من كلمات عبد الرحيم منصور أغنية شجر الليمون ومن ألحان أحمد منيب:
كام عام ومواسم عدوا
وشجر اللمون دبلان على أرضه
فينك .. بينى وبينك
أيام وينقضوا
شجر اللمون دبلان على أرضه

علمونى!

كان مولد أول ألبوم غنائي كتبه الشاعر عبد الرحيم منصور للمطرب محمد منير هو علمونى ثم بعده ألبوم بنتولد وبعدها توالت الألبومات والنجاحات ، وبعدها بدأ التعامل بيننا ، فبعد أغنية القدس ، وفى تلك الفترة قدمت له أغنية شبابيك وسؤال ويامراكبى وبعتب عليكى.
محمد منير
وكان من حظ محمد منير أن يولد فى عصر عبد الحليم حافظ بتجربته الجديدة أمام غول الرومانسية ، فبدأ غنائه بالدف وآلات الإيقاع ، يصاحبه عود الملحن أحمد منيب فى تجمعات المثقفين واحتفالاتهم وفى منازلهم وكنت أشفق على أصحاب الغناء فى تلك الفترة من صدمتهم بهذا النوع الجديد ، الذى لا يعتمد على بهرجة الالآت الموسيقية .. والغناء بالملابس الرسمية.
لقد كسر محمد منير هذه القاعدة ليقف على المسرح بالـــ (تى شيرت) والبنطلون الجينس، بلا أناقة ولا ..كريمات علي الوجه كان مكتفيا بالتجمل بغنائه الذى لا يشبهه غناء أحد من معاصريه لا فى الألحان أو الكلمات أو طريقةالأداء.
يا ليله عودى تانى
يا ليله كونى تانى
خدينا طهر وروح
وردى فينا الروح
خدينا . ضمينا . دفينا

[الحلقة الثالثة]

صديقى خيرى شلبى الكاتب الروائى والصحفى ، هو من أوائل من اشتركوا من أصدقائنا الذين رفعوا راية الحب والحماس دفاعا عن شعر وشعراء العامية من جيل ما بعد صلاح جاهين .. وكان فى حماسه أكثر صدقاً من غيره واهتماماً ، وعلى الأخص بعد اختفاء الناقد سيد خميس فى رحلة طويلة إلى سوريا ، ولذلك غاب دور سيد خميس الريادى لعدة سنوات ، فهو الأب الحاضن لهذه المجموعة من الشعراء . حيث كان منزله فى حى
العجوزة مأوى لكل صاحب حلم ، فيجد رعاية حنونة.
وكان المناخ مناسباً لزراعة الأحلام ورعايتها - فى الستينات - فى جميع الفنون ، المسرح والقصة والشعر والسينما والإصدارات المطبوعة ، وكنا جميعاً منذ سنوات قد ودعنا الملك فاروق بطربوشه وشاربه الرفيع .. وأعطينا ظهورنا للماضى وللعصر الملكى .. وأستقبلنا اليوزباشى جمال عبد الناصر الذى أصبح ..حلمنا ومستقبلنا وفى هذا المناخ الذى كانت تسيطر عليه الأحلام ، كانت البراعم تتوالد . وتكبر وتتألق  وتحتل مواقعها.


!الرحيل


خيري شلبى
وها هو الكاتب الروائى خيرى شلبى ، يرسم لنا صورة للشاعر عبد الرحيم منصور:
الولد الصغير الذى تأثر بغناء أمه عندما كان طفلا :صغيراً لم يكن غريبا أن يحس بهذه الإنشادات التى ترددها هي كل الأمهات المصريات فى ذلك الوقت ، وهى ليست فى حقيقة أمرها إلا أحد الطقوس التى أنشأها الوجدان الشعبى البدائى كصيغ عملية يتعامل بها مع هذا الكون الغامض الحافل بالأسرار ، حيث يصبح الشعر تعويذة تلقى على المريض فى شكل رقية تطرد عين الحسون من جسد المريض ، أو على الأقل هذه الإنشادات أمام الفرن ، لم تكن تهدف إلى التسلية وقطع الوقت فى انتظار نضوج الخبز  ولم تكن تدرى أنها تعطى ابنها جواز السفر ليرتحل عنها فور أن يشب عن الطوق ثم يرتحل عنها إلى الأبد.
وبالفعل ما كاد شاعرنا عبد الرحيم يشب عن الطوق ، حتى كانت بذور الشعر التى زرعتها فيه أمه قد بدأت .تظهر وتحاول الخروج وهكذه حرضته موسيقى الشعر للرحيل عن قريته بحثاً عن حلمه. 
 

بعض إبداعاته

 وهكذا رحل بحلمه إلى زحام القاهرة ، وأخذ يملأها غناء وشعراً .. فكتب أوبريت تمر حنة للفنانة وردة وعزت العلايلى ، وكذلك أوبريت ياسين ولدى لعفاف راضى وشكرى سرحان ، وهما من ألحان بليغ حمدى الذى كان يسعى بطموحاته الموسيقية لإيجاد مسرح ..غنائى جديد للخروج من خندق الأغنية الفردية  كما كتب سيناريو فيلم الزمار لنور الشريف من إخراج عاطف الطيب.
ورغم قلة إنتاجه إلا أنه تميز بما قدمه من أغنيات لنجاة وعفاف راضى وفايزة أحمد ووردة وعبد الحليم وشادية ومحمد منير الذى كان له النصيب الأكبر من أشعاره المميزة ، والتي كانت جديدة تماما علي شكل الغناء العربى. 


!الهروب من الواقع
 كان دائما يحن للرحيل فى أتجاه الجنوب ، وقد سألته كثيرا لماذا لا تحس بالإستقرار ؟
قال: يا صديقى .. دائماً يركبنى إحساس بأن القاهرة ستأخذ عمرى مبكراً .. وإحساسى بالوحدة وسط الزحام يخنقنى كل يوم .. والغربة تقتلنى ، فأحن إلى رائحة أمى وذكريات إنشادها وهى تطهو الخبز أمام الفرن.
قلت له: أنت مدلل فى غربتك .. والناس كلها تحبك .. وتشتاق لسماع أشعارك .. وفى أى مكان من الوطن لن تستطيع الهروب من الغربة!
يتذكر أنه على موعد قد يفوته ، فيبدأ قلبه يدق بسرعة ويحاول التغلب على حالته بمصمصة شفته السفلى لكى :يمنح نفسه فرصة للتفكير ، فأراه شاردا ، فأسأله مالك؟
يتركنى دون كلمة .. ويذهب إلى محطة القطار للرحيل ناحية الجنوب متخيلاً فتاة بملابسها المدرسية تنتظره بلهفة على رصيف محطة المنيا ولكنه لا يجدها .. فيعود إلى باكياً بعد أن كتبت إليه: كل الشعراء بلا عناوين .. يتعلقون بالوهم ، ويتلذذون بمضغ الألم واحتساء عصير وجع القلب.
وكان يتخيل أنها قد تركت له هذه الرسالة وغيرها عند بائع الجرائد فى محطة القطار ، ويظل يعيش على أمل لقائها ، فيعود مرة أخرى ليحكى لى عن ضفيرة شعرها التى ترقص عندما يداعبها النسيم .. وعن نظرتها التى تلتقطه من وسط الجميع لكى يحل ضيفأ حبيباً إلى قلبها كنت فى كثير من الأحيان أتأكد بأنه يحاول البحث عن حبيبة لا يعرفها .. ولكنه كان دائم الإصرار على وجودها والتلذذ بالعذاب .. ويتوهم أنها قد غادرت محطة القطار قبل وصوله!


!هو .. وفؤاد حداد


فؤاد حداد
كلنا نعرف الشاعر فؤاد حداد كأستاذ وصاحب مدرسة وهو يعتبر الأب الشرعى الحقيقى لشعر العامية المصرى والعربى ، ولكنه لم يأخذ شهرة صلاح جاهين ولم تسلط الأضواء عليه ويعرفه أغلب الناس إلا بعدما أقنعه عبد الرحيم منصور بمحاولة كتابة الأغنية ، وهذه مأساة يتعرض لها كل الشعراء فى الوطن العربى ووصمة فى جبين أى إعلام لا يحتفى بشعرائه المميزين وهذا ما جعل عبد الرحيم منصور يؤكد لى ذات ليلة من ليالى الحزن ، أن الشعر قد أصبح بضاعة راكدة ووجبة شرعية يلتهم فيها المثقفين والشعراء أشعار زملائهم كأى نوع من المزة التى تقدم لهم ف البارات وهم يحاولون عبور الواقع المر .. والإمساك بريشة أى حلم.

وقد أقنعنى عبد الرحيم بأنه لابد لشاعرنا الكبير فؤاد حداد من دخول مجال الأغنية لكى يعبر غيبوبة الإعلام ..عن مبدعيه ويومها اخترنا له أقرب موقع للغناء المحترم الذى يراعى ذوق المستمع ويرقى به من خلال صوت المطرب محمد منير .. وبألحان أحمد منيب. 

قلت لعبد الرحيم منصور ونحن نهبط سلالم منزل فؤاد حداد: يا صديقى ما الذى فعلناه .. إن فؤاد حداد شاعر عملاق .. وكلنا خرجنا من عباءته ، فكيف دفعناه للموافقة ونحن نعرف وسط الغناء الملئ بالسوء.
قال: وماذا استفاد هو بخروجنا من عباءته وأنه أستاذنا ها نحن نقرأ أشعاره فى لهفة واستمتاع ، بينما هو قابع فى بيته بعيداً عن الناس .. لا يعرفه غير المثقفين . والحكومة تصادر الأشعار .. بينما الأغنية لا يمكن أن تصادر .. ومن خلالها يمكننا قول ولو جملة واحدة مفيدة للمستمعين وأسعادهم ، بدلاً من الأغانى التي تشيع ..الإحباط وتجعلهم يكرهون حياتهم وقد كان مولد أغنية فؤاد حداد الليلة يا سمرة وهى من الأغانى التى حققت شهرة واسعة فى مجال الأغنية.

[الحلقة الرابعة]
 
سألنى الشاعر عبد الرحيم منصور يوما فى براءته المعهودة :عندنا فى صعيد مصر لا يوجد بصاصين لرصد حركات الناس فى الجايه والروحه ، فلماذا تعج القاهرة ومقاهيها وتجمعات المثقفين بالكثير من المخبرين الذين أصبحت اهتماماتهم محصورة فى نقل أشعارنا ومناقشاتنا للدولة؟!
أجبته: لأن الفن حركة دائمة لتوعية الناس بالأخطاء التى قد .تمارس ضده
قال: وماله .. ده شئ كويس .. وبعدين يابوى إحنا بنكتب الشعر .. مش بنكتب بيانات ضد الحكومة .. وفى أيدينا أقلام رخيصة الثمن وليست فى أيدينا سكاكين أو أسلحة.
 

!الفن .. والدولة


حاولت إقناعه بأن ما يحدث ، هو نوع من الأمن للمحافظة على نظامها تماما كما هو حق لنا فى أن نكتب ما نريد .. انه صراع قائم منذ نشأة حضارة الدولة التى سنت القوانين لحماية نفسها فيما قد تراه يهدد استقرارها!
كان يستمع فى غير اقتناع ، لأنه كان يتخيل العالم من حوله قد خلق للإنسان مثلما خلق للطيور التى تعبر الحدود بلا جوازات سفر .. وتغنى وقت ما تشاء .. وتفرح وتحزن عندما تريد ، لا أن يأمرها أحد بالكف عن الغناء .. أو يفرض عليها نوع ما من غناء لا تحبه ، ثم أنشدنى بقوله:
أوعاك تسوق الملامه
شيبة قلبى علامه
وآه يابا .. يابا عليا
لا دار ولا مرسى ولا صبيه
بسافر بسافر .. باهاجر باهاجر


!الهزيمة والأنتصار


بليغ حمدى
كان غارقاً فى صمت شديد ، ولم يفق إلا على صوت بليغ حمدى ، الذى وجدناه أمامنا ، وأخبرنا أنه قرر التفرغ للمشاركة بألحانه فى 1967 ، وعمل معسكر مستمر فى دار الإذاعة لكى يشارك الفن فى المعركة.
وكان من نصيب الشاعر عبد الرحيم منصور 225 نشيداً .. قامت بالغناء أغلب الأصوات ، ولكن بعد خسارتنا فى الحرب ، كان منكسراً مثل كل جيله ، وسألنى:
لم تفلح أشعارنا فى شق الطريق لانتصارنا؟!
هذا قدرنا يا صديقى ، فلسنا نحن الذين كان فى يدنا بندقية أو مدفع ، وقد استدرجنا العدو للدخول فى هذه الحرب دون تخطيط لها ، فالقيادة العسكرية كانت مشغولة بأشياء أخرى غير وظيفتها.


حفل عين الفن
 استمرت كآبتنا وبياتنا داخل شرنقة حزننا ، وأفاق عبد الرحيم مرة أخرى ، وظل يكتب طوال فترة حرب الاستنزاف ، حتى نصر أكتوبر 1973 كانت غنائياته المميزة فى أم الصابرين وعبرنا الهزيمة للفنانة شادية وعلى الربابة للفنانة وردة وقومى عليكى السلام لعبد الحليم حافظ وغيرها من الأغنيات والأناشيد الجميلة ، ولازلت أذكره عندما رشحه الشاعر صلاح عبد الصبور ليلقى أشعاره أمام الرئيس السادات فى أحد أعياد الفن ، فقدم أشعاره ،وصفق له الجميع 
بعد انتهاء الحفل .. وجد نفسه وحيدا ، لم يجد من يأخذه معه فى سيارته ، وبينما كان الجميع يركبون سيارتهم ، كان هو الوحيد الذى استقل قدميه ، وهذا ما أحزنه .. وجاءنى شاكياً :
شفت - أحنا اللى بنغنى للبلد .. سنظل فقراء إلي الأبد فقراء فى كل شئ وأغنياء فقط بمواهبنا.
سكت لحظة وشرد ببصره لبعيد وقال:
ولكن للأسف يا صديقى .. ان مواهبنا غير قادرة على إطعامنا .. أو الحصور على سكن دافئ .. أو امتلاك سيارة!
أجبته وكأننى أجيب على نفسى:
طالما نحن سعداء بحياتنا واختياراتنا ، فنحن أوقى وأرقى من الذين يملكون كل شئ .. ولا يملكون أنفسهم!

النهاية

 كان يتميز بقدرته على إخفاء حزنه فى صوامع صمته ، متحملاً معاناته اليومية فى كسب لقمة العيش ، نافضا عنه وجعه المتوارث وثوب حيرته ، ويعود للتنقل بيننا كالعصفور .. يرقص مع أنغام كلماته المغناه على شفاه المطربين والمطربات ، فمرة إلي الشجن فى لو سألوك أو .. بكره يا حبيبى لوردة وجرحتنى عيونه السودا وعطاشا وقضينا الليالى لعفاف راضى وباعشق البحر وسكة العاشقين لنجاة وياطير الشوق  وحبيبى يا متغرب وطلع القمر ع الباب لفايزة أحمد ، وكان النصيب الأكبر من شعره الغنائى لمحمد منير الذى عبر به إلى منطقة التميز والتفرد.
آه يا صديقى عبد الرحيم . لو طالت بك الحياة .. كنت بالتأكيد ستثرى حركة الغناء بألوان حروف المنتقاه من ..عطر شجر الليمون ولكن الموت دائما يحتار أجمل وأفضل ما فينا من الأحباب والأصدقاء دهشتى لا تزال قائمة.
فعندما رحل عن عالمنا لم أكن بالقاهرة ، حيث كنت أعمل فى دولة قطر فى مجلة الأمة الإسلامية ، ولذلك لم أصدق حتى الآن حكاية رحيله عن عالمنا ، وغير مصدق أن للموت أياد طويلة قادرة على إغتيال الأحباب فجأة ودون سابق إنذار.
لقد سقط صديقى عبد الرحيم من فوق شجرة الحياة مثل ثمرة نبق صغيرة ، وكلما تذكرت ضحكته العالية البريئة وجنونه ومجونه وحبه للحياة ، أتذكر فى حزن صوته عندما كان ينشد للشاعر المجهول فى تراثنا الفلكلورى:
أبكى عليك وحدك
أبكى على جسمك ومخدتك
ماحدش كوانى فى الميتين زيك
قنديل منور انطفى ضيه
سوق البحيره مالقاش زيه
قنديل منور وانطفى نوره
سوق البحيره ما التقاش غيره
ولا يزال قلبى يبكيه.
فقد برحيله جزء حميما من ذكرياتى وعناوينى ، وعناوين الأصدقاء وقد رثاه شاعرنا الكبير فؤاد حداد في قصيدته الطويلة الرائعة ألاقى فين عبد الرحيم منصور.
أتذكره كلما مررت بميدان التحرير ، وقعدتنا فى مقهى ايزائيفيتش الذى كان المكان المفضل للقاءاتنا عندما تكون جيوبنا عامرة  .. وقد تحول الآن إلي شركة سياحة .. وأيضا مقهى وادى النيل الذى فجره الإرهابيون فى سعارهم لقتل بسطاء الناس من الغلابة لأنهم فشلوا فى مواجهة السلطة وعسكرها ، فكانت النتيجة موت العديد من فقراء قومنا.
رحل صديقى (حيمو) وهو مكبل بقيود الضرائب التى تطالبه بمبالغ كثيرة وصعب سدادها حتى لو بيع منزله بما فيه ، فالدولة دائما تطارد المواطن الذى يكسب قوت يومه بشرف ، وتترك من يسرقها ويتبول على قوانينها ويسرق أحلام الآخرين
فالمبدعين دائما هم ضحايا لنظام لا يعرف التفرقة بين من يصنع الحلم  .. وبين الذى يسرقه فالفقير الذى يصنع الحلم دائما تحت المراقبة!!